السبت 1-6-2013
الصدفة هي الوحيدة القادرة على أن تفاجأك, تصدمك و أن تريك الحقيقة, حقيقة نفسك و مقدار ذاتك.
كنت متلهفا للجلوس على الطاولة و تذوق كأس من القهوة في إحدى مقاهي كرنيش بوجعفر. فقد كان اليوم طويلا و يحق لي أن أكافئ نفسي بقسط من الراحة و قليل من الإسترخاء.
كان المقهى على بعد بضع خطوات حين لمحت منظرا لم أتعود عليه أو أعهده من قبل, مشهدا جعلني أتوقف و أتأمل بل و حتى أستفسر.
سألت رجلين كانا واقفين قرب المشهد, ماذا يفعل هؤلاء السياح
إنهم بصدد تنظيف المكان, لقد جاؤوا بالأمس و أخبروني أنهم يتطوعون لتنظيف المكان
كان المكان و رغم وجوده في قلب منطقة سياحية و محاطا بالنزل و الفنادق, كان أشبه لمصب نفايات منه لمقهى أو ممر سياحي, فقد كانت الأتربة و الأوساخ مكدسة في كل مكان مشوهة جماله و رونقه.
أضاف الرجل الأسمر لقد طلبنا من البلدية رفع القمامة لأكثر من مرة لكنهم في كل مرة يقومون بتجاهلنا تاركيننا نعاني كثرة الأوساخ و عزوف الحرفاء. سأقوم بتصويرهم و فضح بلدية سوسة لتخاذلهم.
كان أمامي خياران لا ثالث لهما. إما أن أكمل طريقي و أتنعم بكوب القهوة و كأنني لم أر و لم أسمع شيءا أو أن يدغدغني ضميري و أشعر بالخجل. كيف لا أشعر بالخجل و السياح يقومون بما وجب علينا القيام به نحن المتشدقون بشعارات الوطنية الفضفاضة.
بقيت واقفا صامتا للحظات, ممررا أمام عيناي شريط المتشدقين و المزايدين بالوطنية و حب الوطن المتباكين اللاطمين حظ تونس أمام الكاميرات و على الصفحات الصفراء و الزرقاء (فايسبوك) مصدعين رؤوسنا بعويلهم و صراخهم. قارنتهم جميعا بهؤلاء السياح فرأيت صورهم مسخت قردة و مهرجين.
نعم إنهم لا يتساوون حتى مع القردة و المهرجين.
رميت بأوراقي جانبا و انظممت إلى إخوتي في حب هذا الوطن. ليسوا سياحا أو غرباءا, إنهم أبناء هذا الوطن و إن لم يظهر ذلم في شهادة ميلادهم.
و أنتم أيها المزايدون المهرجون يا من ولدتم في هذا الوطن لستم إلا غرباء, عابرو سبيل, مصاصي دماء
ساعة من الزمن مع أبناء وطني كانت كفيلة بأن أستشعر فيها دفئ و حب هذا الوطن
شكرا أبناء وطني
شكرا Marty
شكرا أصدقاء Marty